اكتئاب المراهقين في لبنان

Mar 21, 2023 | Lea Bdeir, Mental health

بقلم ليا بدير

نقلتها إلى العر بية نور جابر

الاكتئاب هو اضطراب مزاجيّ يتّصف بالحزن المطول، وفقدان الاهتمام بالنشاطات التي كانت ممتعة سابقاً، والشعور بالذنب وعدم الاستحقاق، فضلاً عن التغيرات في النوم والغذاء. فعندما تستمر مشاعر الحزن لأكثر من أسبوعين، تثير القلق وتشكك في خطورة المسألة فعلى الرغم من أن الاضطرابات المزاجيّة يمكن أن تؤثر في الأفراد أيًّا كان عمرهم، إلا أن اكتئاب المراهقين يمكن أن يكون له تأثير أشدّ بسبب القرارات الحاسمة التي يتخذها المراهقون في هذه الفترة من النمو، والتي يمكن أن تغيّر مسار حياتهم.

واجه المراهقون في لبنان على وجه التحديد صعوبة في التكيّف مع الضغوطات المستمرة التي يتعرضون لها على نحوٍ شبه يوميّ؛ فاستخدام الفكاهة والإنكار لإخفاء الصعوبات والتأقلم معها قد يتسبّب لاحقًا بآثار سيئة للغاية. ففي لبنان تحديداً، يتم التغاضي عن اكتئاب المراهقين وإهماله في أغلب الأوقات نتيجة وصمة العار والافتقار إلى الفهم، وتقيد سبل الوصول إلى علاجات الصحة النفسية. يُتوقع من الرجال عمومًا في هذا المجتمع، قمع عواطفهم ممّا يصعب عليهم إظهار ضعفهم أو طلب المساعدة عندما يحتاجون إليها لأنهم يخشون الظهور بمظهر ضعيف وغير رُجولي. وفي الوقت عينه، تتعرض أغلب النساء لانتقادات غير عادلة لسلوكهن وخياراتهن بسبب جنسهن، ويواجهن قدر كبير من التوقعات حول تصرفاتهن.

بغض النظر عن المجتمع الأبوي، بدايةً، فإن الأحداث التي وقعت مؤخرًا ساهمت بشدّة في تطوير عوارض الاكتئاب، كما أدى وباء كورونا إلى العزلة وعمليات إغلاق على مستوى البلاد وبات الخوف تجربة لم يتوقعها أحد. دخلت هذه التغييرات حياة الأطفال اليوميّة الذين لم يسبق أن تعرّضوا لهذا المستوى من الاضطرابات. نظرًا إلى أنّ الفيروس كان بمثابة صدمة للآباء والأطباء، لم يكن لدى المراهقين أي دليل للاطلاع عليه وباتوا يخافون من إصابة أحبائهم أو إصابتهم بالعدوى. أدى الوباء إلى تعطيل الخدمات التعليمية بشكل ملحوظ، حيث وَجد العديد من المراهقين وخاصة في المدارس الرسمية صعوبة في التكيف مع التعليم عبر الإنترنت والتعامل لضغوطات الأكاديمية. دخلت هذه التغييرات على حياة الأطفال اليوميّة الذين لم يسبق أن تعرّضوا لهذا المستوى من الاضطرابات. نظرًا إلى أنّ الفيروس كان بمثابة صدمة للآباء والأطباء، لم يكن لدى المراهقين أي دليل للاطلاع عليه وباتوا يخافون من إصابة أحبائهم أو إصابتهم بالعدوى. أدى الوباء إلى تعطيل الخدمات التعليمية بشكل ملحوظ، حيث وَجد العديد من المراهقين وخاصة في المدارس الرسمية صعوبة في التكيف مع التعليم عبر الإنترنت والتعامل مع الضغوطات الأكاديمية.

يُعد العامل الثاني في لبنان خاص جداً لحالتنا الراهنة وهي الأزمة الاقتصادية في البلد، فكلمة «أزمة» كلمة بسيطة لأن الأمر قد جرج عن السيطرة. تكافح العائلات في لبنان لتوفير الموارد الضرورية حيث بات من المستحيل تقريبًا توفير أسعار الاحتياجات اليومية. تعاني العديد من العائلات من الإفلاس والبطالة مما قد يؤثر على مستقبل تعليم أطفالهم وكذلك صحتهم النفسية وهم يشهدون الأحداث الجارية. كما ازداد قلق وضغط الشباب سوءاً بسبب الاضطرابات الاجتماعية وانعدام الاستقرار السياسي، الذي فاقم شعورهم بالضبابية والشك تجاه المستقبل.

أتت كل هذه الضغوطات بعد الانفجار المدمر الذي هز بيروت في 4 أغسطس 2020، والذي ما زلنا نتعافى منه إلى يومنا هذا. تجلت الصدمة هذا الشتاء عندما بدأت العواصف واعتقدنا أنها انفجارات، ومن ثم الزلزال. لاحظ المتخصصون في الصحة النفسية زيادة في حالات الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة بين المراهقين في بيروت بعد الانفجار، مع وجود قلة من الإرشادات أو انعدامها حول كيفية التعامل مع الصدمات النفسية. واِسْتِجابَة لأزمة الصحة النفسية، وضعت المنظمات والعاملون في هذا مجال في بيروت عدة برامج لمساعدة الشباب، حيث وفرت هذه البرامج استشارات مثل تمارين اليقظة والاسترخاء ومجموعات دعم الأقران.

من المهم زيادة الوعي وتثقيف الناس حول المشاكل المتعلقة بالصحة النفسية لمحاربة حالات الاكتئاب لدى المراهقين اللبنانيين. قد يستفيد المراهقون في لبنان بشكل كبير من مبادرات المجتمع المحلي والبرامج التي تدعم التفاعل الاجتماعي، والصحة النفسية والرفاهية. مواجهة هذه الحالات بشكل صحيح، يسهم في القضاء على وصمة العار وتصحيح المعلومات الخاطئة المتعلقة بالاكتئاب، من خلال تثقيف الأطفال والبالغين. إن القضاء على وصمة العار المرتبطة بالأمراض النفسية وتشجيع الحوارات الصادقة تعد خطوات أولى حاسمة في هذا الطريق. بالتالي سيهل على الناس الحصول العلاج الطبي. كما سيتمكن الأفراد المصابين بالاكتئاب من الحصول على المساعدة التي يحتاجونها.